ديوان العرب

أعجاز القران..قال تعالي( وما علمنه الشعر وما ينبغي له أن هو الا وحي يوحى)....صدق الله العظيم

الصفحة الرئيسة

شعر الفصحاء

الشعر النبطي

شعراء الديون

قـوافـي

 

ليس الغريب زين العابدين
 

لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشَّأمِ واليَمَنِ

إِنَّ الـغَريبَ غَريبُ اللَّحدِ والكَفَنِ

إِنَّ  الغَريِبَ لَـهُ حَقٌّ   لِـغُرْبَتِهِ

على الْمُقيمينَ في الأَوطانِ والسَّكَنِ

سَـفَري بَعيدٌ وَزادي لَـنْ يُبَلِّغَني

وَقُـوَّتي ضَعُفَتْ والموتُ يَطلُبُني

وَلي  بَـقايا ذُنـوبٍ لَسْتُ أَعْلَمُها

الله  يَـعْلَمُها فـي السِّرِ والـعَلَنِ

مَـا  أَحْلَمَ اللهَ عَني حَيْثُ أَمْهَلَني

وقَـدْ تَمادَيْتُ في ذَنْبي ويَسْتُرُنِي

تَـمُرُّ  سـاعاتُ أَيَّـامي بِلا نَدَمٍ

ولا  بُكاءٍ وَلاخَـوْفٍ ولا حَـزَنِ

أَنَـا الَّـذِي أُغْلِقُ الأَبْوابَ مُجْتَهِداً

عَلى المعاصِي وَعَيْنُ اللهِ تَنْظُرُني

يَـا  زَلَّـةً كُتِبَتْ في غَفْلَةٍ ذَهَبَتْ

يَا حَسْرَةً بَقِيَتْ في القَلبِ تُحْرِقُني

دَعْـني  أَنُوحُ عَلى نَفْسي وَأَنْدِبُها

وَأَقْـطَعُ  الدَّهْرَ بِالتَّذْكِيرِ وَالحَزَنِ

كَـأَنَّني  بَينَ تلك الأَهلِ مُنطَرِحَاً

عَـلى الفِراشِ وَأَيْـديهِمْ تُـقَلِّبُني

وَقـد أَتَـوْا بِطَبيبٍ كَيْ يُعالِجَني

وَلَـمْ  أَرَ الطِّبَّ هذا اليومَ يَنْفَعُني

واشَتد  نَزْعِي وَصَارالمَوتُ يَجْذِبُها

مِـن كُلِّ عِرْقٍ بِلا رِفقٍ ولا هَوَنِ

واستَخْرَجَ الرُّوحَ مِني في تَغَرْغُرِها

وصَارَ رِيقي مَريراً حِينَ غَرْغَرَني

وَغَمَّضُوني وَراحَ الكُلُّ وانْصَرَفوا

بَعْدَ الإِياسِ وَجَدُّوا في شِرَا الكَفَنِ

وَقامَ مَنْ كانَ حِبَّ لنّاسِ في عَجَلٍ

نَحْوَ الـمُغَسِّلِ يَـأْتيني يُـغَسِّلُني

وَقـالَ يـا قَوْمِ نَبْغِي غاسِلاً حَذِقاً

حُـراً  أَرِيباً لَـبِيباً عَـارِفاً فَطِنِ

فَـجاءَني رَجُـلٌ مِـنْهُمْ فَجَرَّدَني

مِـنَ الثِّيابِ وَأَعْـرَاني وأَفْرَدَني

وَأَوْدَعوني  عَلى الأَلْواحِ مُنْطَرِحاً

وَصَارَ فَوْقي خَرِيرُ الماءِ يَنْظِفُني

وَأَسْكَبَ  الماءَ مِنْ فَوقي وَغَسَّلَني

غُسْلاً  ثَـلاثاً وَنَادَى القَوْمَ بِالكَفَنِ

وَأَلْـبَسُوني  ثِـياباً لا كِمامَ لـها

وَصارَ زَادي حَنُوطِي حينَ حَنَّطَني

وأَخْـرَجوني  مِنَ الدُّنيا فَوا  أَسَفاً

عَلى  رَحِـيلٍ بِـلا زادٍ يُـبَلِّغُني

وَحَـمَّلوني على الأْكـتافِ أَربَعَةٌ

مِـنَ الرِّجالِ وَخَلْفِي مَنْ  يُشَيِّعُني

وَقَدَّموني  إِلى المحرابِ وانصَرَفوا

خَلْفَ الإِمَـامِ فَـصَلَّى ثمّ  وَدَّعَني

صَـلَّوْا  عَلَيَّ صَلاةً لا رُكوعَ لها

ولا سُـجودَ لَـعَلَّ اللهَ يَـرْحَمُني

وَأَنْـزَلوني  إلى قَبري على مَهَلٍ

وَقَـدَّمُوا  واحِداً مِـنهم يُـلَحِّدُني

وَكَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهي لِيَنْظُرَني

وَأَسْكَبَ  الدَّمْعَ مِنْ عَيْنيهِ أَغْرَقَني

فَـقامَ  مُـحتَرِماً بِالعَزمِ مُـشْتَمِلاً

وَصَفَّفَ  اللَّبِنَ مِنْ فَوْقِي وفارَقَني

وقَـالَ هُلُّوا عليه التُّرْبَ واغْتَنِموا

حُسْنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمنِ ذِي المِنَنِ

في  ظُـلْمَةِ القبرِ لا أُمٌّ هناك ولا

أَبٌ  شَفـيقٌ ولا أَخٌ يُـؤَنِّـسُني

فَـرِيدٌ  وَحِـيدُ الـقبرِ، يـا أَسَفاً

عَلى الـفِراقِ بِـلا عَمَلٍ يُزَوِّدُني

وَهالَني صُورَةً في العينِ إِذْ نَظَرَتْ

مِنْ هَوْلِ مَطْلَعِ ما قَدْ كان أَدهَشَني

مِـنْ  مُـنكَرٍ ونكيرٍ ما أَقولُ لهم

قَـدْ هَالَني أَمْـرُهُمْ جِداً  فَأَفْزَعَني

وَأَقْـعَدوني  وَجَـدُّوا في سُؤالِهِمُ

مَـالِي  سِوَاكَ إِلهي  مَنْ يُخَلِّصُنِي

فَـامْنُنْ عَـلَيَّ بِعَفْوٍ مِنك يا أَمَلي

فَـإِنَّني  مُوثَقٌ  بِـالذَّنْبِ   مُـرْتَهَنِ

تَقاسمَ الأهْلُ مالي بعدما انْصَرَفُوا

وَصَارَ وِزْرِي عَلى ظَهْرِي فَأَثْقَلَني

واستَبْدَلَتْ  زَوجَتي بَعْلاً لها بَدَلي

وَ حَكَّمَتْهُ  فِـي الأَمْوَالِ و السَّكَنِ

وَصَـيَّرَتْ وَلَدي عَـبْداً لِيَخْدُمَها

وَصَارَ مَالي  لهم حِلاً  بِلا  ثَمَنِ

فَـلا  تَـغُرَّنَّكَ الـدُّنْيا وَزِيـنَتُها

وانْظُرْ إلى فِعْلِها في الأَهْلِ والوَطَنِ

وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها

هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ

خُذِ  القَنَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها

لَـوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا  رَاحَةُ البَدَنِ

يَا  زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَرا

يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ

يَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي

فِـعْلاً  جميلاً  لَعَلَّ اللهَ  يَرحَمُني

يَا  نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً

عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَنِ

ثـمَّ الصلاةُ عـلى الْمُختارِ سَيِّدِنا

مَا وَصَّا البَرْقَ في شَّامٍ وفي يَمَنِ

والحمدُ  لـله مُـمْسِينَا وَمُصْبِحِنَا

بِالخَيْرِ والعَفْوْ والإِحْسانِ  وَالمِنَنِ